زواج تاحيار الى متى

موضوع: زواج تاحيار الى متى 25/10/2008, 7:36 pm

لم تستطع (وفاء .م) حبس دمعهتا, وهي تجيب عن سؤالنا حول رأيها بعادة "الحيار". وعلى الرغم من مرور أكثر من20 عاماً على زواجها من ابن عمها، إلا أنها مازالت تعتبر أن هذا الزواج كان خطأً كبيراً لم تملك فيه قرار تحديد مصيرها، بعد أن أجبرها أهلها على الزواج من شخص لا تحبه ولم تمتلك فرصة التعبير عن رأيها فيه.
* زواج بالقسر والإكراه
زواج (وفاء) بالإكراه، حالة من مئات الحالات التي مازالت تنتشر في مجتمعنا والتي تعرف باسم زواج "الحيار"، وزواج الحيار عادة تربى عليه الناس في زمنٍ مضى واعتبروه في ذلك الوقت إرثاً مقدساً، وهو شكل من أشكال الزواج الذي يتعارض مع العقل والمنطق والدين، حيث تُحجز ابنة العم لابن عمها منذ ولادتها، دون أن تعي وهي في ذلك العمر، أو يعي هو ما الذي تعنيه هذه الكلمة، ويكون هذا أول الانتهاكات الفجَّة لحريتها من قبل من يدَّعون أنهم أحرص الناس عليها، ألا وهم أهلها، متكئين على أساس واهم وهو أنهم أقدر على تحديد مصلحة ابنتهم، وتبقى هذه الأنثى رهينة مزاجية ابن العم، حتى إذا ما أقدم على الزواج من أخرى غيرها، وإن دخلت هي في مرحلة "العنوسة"، فلا توهب لها حريتها إلا بإعلانه أنه لم يعد يريدها زوجةً ويفك "حيارها".
* قصص لا تنتهي..
قد يطول بنا الحديث ونحن نتحدث عن قصص ومآس زوجية حدثت، كان سببها "الحيار" لكن سنحاول تسليط الضوء على أهمها. فقبل نحو خمسة عشر عاماً تشاجرت عائلتان في إحدى قرى الرقة وكانت نتيجة المشاجرة وفاة شخصين وأصابه خمسة آخرين بعاهات وإعاقات متفرقة وسبب هذه المشاجرة هو توقيف أحد الشباب لابنة عمه وعندما قام أهلها بتزويجها من شاب آخر هجم أهل الشاب على أهل الفتاة وحدث ما حدث.
وفي قصة أخرى سافر أحدهم إلى الخليج ليؤمّن مهر ابنة عمه المحيّرة له سلفاً، ولما عاد وجدها قد تزوجت، لم يصدق بادئ الأمر ما حدث، فكيف تم تجاهل "حياره" عليها، وثارت دماء الجهل والتخلف، وما كان منه إلا أن قتلها، وهو الآن يدفع ثمن فعلته في السجن جزاء ما اقترفت يداه.
كما قام أحدهم ب"تحيير" ابنة عمه، عندما تقدم لخطبتها أحد الرجال، وكان غير ميسور الحال، فحرمها من الزواج كما حرم نفسه، ولايزالان عازبين رغم مرور السنين حتى هذه الأيام.
* ظاهرة "الحيار" .. ريفية !
وعن سبب تسمية هذا النوع من الزواج بـ"الحيار" يقول تركي السلطان (مجاز في اللغة العربية)إن كلمة"الحيار"في اللغة العربية تعني كثير المال والولد، وحيَّره في كلام العامة جعله ضمن دائرةٍ وطوَّقه، والشيء المحيّر: الدائري، وهو أحد أشكال "العضل" وهو في اللغة المنع، فيقال عضل فلان ابنته، إذا منعها من الزواج، ويقول المولى عز وجل في كتابه الكريم ناهياً عن القسر في الزواج: "فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا" "-البقرة232، وهو أيضاً الحجر، أي منع المرأة من الزواج بمن هو نظيرها، وإجبارها على الزواج من قريب بعينه، وتمنع عمن سواه مهما كانت الأسباب وعن رأيه بهذا النوع من الزواج، يؤكد السلطان أن الزواج ميثاق تراضٍ وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام، غايته الإحصان والعفاف، وإنشاء أسرة مستقرةٍ برعاية الزوجين، وبالتالي فإن زواج "الحيار" ليس زواجاً لعدم تحقيقه شروط الزواج، من التراضي وإنشاء الأسرة المستقرة.
* انتشار الظاهرة
وعن مدى انتشار هذه الظاهرة حالياً، حدثنا الباحث (علي السويحة) قائلاً: من النادر أن نشاهد هذه العادة حالياً في المدينة، بسبب الوعي الذي دخلها، ولكنها عادة مازالت تتغلغل في بنية المجتمع الريفي في الرقة، والبيئة الريفية هي الأكثر ملاءمة لتأصل هذه العادة البالية، فعند ولادة الفتاة يدخل عمها إذا كان لديه صبي يكبرها في العمر، ليقوم باختيارها عروساً لابنه، بعلم جميع الأقارب ، وفي بعض الأحيان وكنوع من الضمان يقص العم قطعة من ثوب ابنة أخيه ويحتفظ بها في مكان أمين كنوع من التأكيد المادي على حجز الفتاة لابن عمها، وفي حالات نادرة، إن كان والد الزوج المرتقب ذا قدرة مادية واجتماعية كبيرة، فإنه يأخذ ابنة أخيه لتربيتها في بيته حتى تكبر لتصبح عروساً لابن عمها، وقد يرسل والد الفتاة المخطوبة إلى إخوته يستشيرهم بزواجها، ويسألهم قبل أن يعطي موافقته للخاطبين، إن كان في نية أحدهم تحييرها لولده، وتكون الأولوية دائماً للأخ الكبير، وهي تراتبية تمتد إلى أن تنتهي بأحد أفراد العشيرة، إن كان الخاطب من عشيرة أخرى.
* أشكال "الحيار"
وعن أشكال "الحيار" قال السويحة: لـ "الحيار" أشكال عدة، فقد يحير ابن العم ابنة عمه انتقاماً، أو كرهاً، بمن تقدم لخطبتها، دون توافر الرغبة لديه في الزواج منها، أو انتقاماً منها لأنه تقدم لخطبتها فرفضته، أو لأنه سمع أنها عاشقة لمن تقدم لخطبتها فتأخذه الغيرة العمياء ويقوم بتحييرها، كما يمكن أن تكون هناك نوايا أكثر فظاظة مما ذكرت، تتمثل في طمع المحيِّر بمبلغ من المال يسمى بهذا الباب بـ"الرضوة"، يعرض عليه لقاء تخلّيه عن حياره، والأنثى بكل ذلك لا حول لها ولا قوة، والويل لها إن أبدت اعتراضاً، لأنها ستدفع الثمن غالياً حينها، وقد يكون هذا الثمن حياتها.
العلم هو السبيل للهروب من فخ الأعراف الاجتماعية .....
من جهته أبدى خليل الأحمد (مرشد اجتماعي) أسفه من انتشار هذه العادة في الرقة قائلاً : أن نكون في القرن الحادي والعشرين، ومازال لهذا الطقس من الزواج صدىً لدى القلة من الناس، فالعالم اختصر جميع المسافات وأوشك أن يسكن الفضاء، ومازال في مجتمعنا من ينادي بزواج "الحيار"، لأسباب تافهة تنم عن قصر نظر في التفكير، فالعرف الاجتماعي أورثنا بحكم العادة مفاهيم خاطئة عن كيفية المحافظة على أصالتنا، وتماسك مجتمعنا، فالفتاة يجب أن تكون لابن عمها، وليس للغريب الراغب في الزواج منها أي فرصة بذلك، وأعتقد أن العلم هو مفتاح الهروب من الوقوع في فخ الأعراف الاجتماعية البالية. فقد استطاعت إحدى الفتيات أن تغير مسار حياتها وذلك بسلوكها طريق العلم حين قررت متابعة دراستها التي انقطعت عنها لمدة 6 سنوات حين سمعت بقرار ابن عمها الزواج منها فحصلت على الشهادة الإعدادية ثم حصلت على الثانوية، في حين لم يكن ابن عمها يحمل أي شهادة علمية فانسحب من حياره لها، لأنه أحس بأنها أصبحت في مستوى أعلى من مستواه.
جميع الأديان تحرم زواج الإكراه
عن رأي الدين في زواج الحيار قال محمد إسماعيل(مجاز كلية شريعة): لقد قرر الإسلام أن المرأة إنسان مبجّل، ولها منزلتها اللائقة بها أماً وأختاً وزوجةً وابنة، فلقد قال أهل العلم، إن المرأة إذا ما اختارت كفأً لها، واختار الولي كفأً غيره، فيقدم الذي اختارته، فإن امتنع فقد خالف روح النص القرآني والحديث الشريف، قال تعالى: "فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف". وفي الحديث: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه". و"الحيار" نوع من أنواع تزويج المرأة ممن هو غير كفؤ لها، وإرغامها على الزواج ممن لا ترضى، ويقع ولي أمرها بقيامه بذلك في ثلاث جنايات؛ جناية الولي على نفسه بمعصيته الله ورسوله، وجنايته على المرأة بحرمانها من الزواج بمن هو كفؤ لها، وجنايته على الخاطب لمنعه ممن رضيها وارتضته . وأضاف إسماعيل: يقول أهل العلم: إذا امتنع الولي عن تزويج ابنته ممن هو كفؤها، وارتضته، وكان على خلق ودين، فقد سقطت ولايته عنها، وانتقلت لمن بعده، الأحقّ فالأحقّ، حتى تنتقل إلى ولي الأمر في المكان الذي هم فيه، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" .
وجهة نظر
إن البحث في العادات والتقاليد الاجتماعية يسوقنا إلى عدد كبير من العادات التي تعيق تقدم المجتمع، ولعل سلب إرادة الأنثى واتخاذ قرار تحديد مصيرها بمعزل عن رأيها سيكون له آثار خطرة تنعكس في ما بعد على بنية الأسرة وتؤدي إلى إحداث فجوة بين الأم وأبنائها من جهة وزوجها من جهة أخرى.
ولقد أسهم انتشار تعليم الفتيات في المدينة كثيراً في الحد من هذه الظواهر السلبية ومازال الريف يعاني من تفشي مثل هذه العادات ولعل تشديد الرقابة على تسرب الفتيات من المدارس ومحاربة الفهم الخاطئ لتعاليم الدين الإسلامي عبر ورشات عمل ومنابر المساجد سيساعد في اجتثاث معظم هذه الممارسات السلبية من زواج بالإكراه وغلاء المهور, وتصحيح المفهوم الخاطئ للحب، لأن الحب ليس تملكاً، بل هو عطاءٌ بحد ذاته، وهو إنكار للذات في سبيل من تحب.
منقوووووووووووووووول

صالح الحاج حمد - بلدنا
الثلاثاء 2008-10-22 06:20:35

موضوع: رد: زواج تاحيار الى متى 30/10/2008, 9:21 pm

موضوع قيم
ولكني أعتقد أن هذا النوع من الزواج قد قل كثيراً في مجتمعنا بشكل عام والسويداء بشكل خاص
وهو بلاشك زواج متخلف غير قائم على أسس اجتماعية ونفسية صحيحة وقد يكون غير متكافئ

هذا ما اراه في مجتمعنا

ثمة انتهاء من عادة سيئة ما

الكونت